أكثر 6 اضطرابات نفسية شيوعاً: فهمها وأسبابها
تعد الاضطرابات النفسية من أكثر التحديات الصحية التي تؤثر على الأفراد في جميع أنحاء العالم. على الرغم من تقدم العلوم النفسية في السنوات الأخيرة، إلا أن الاضطرابات النفسية تظل تشكل تهديدًا كبيرًا على الصحة العامة، وتؤثر بشكل عميق في حياة الأفراد وعلاقاتهم. إذ إن هذه الاضطرابات لا تؤثر فقط على الفرد المصاب، ولكن تمتد آثارها إلى محيطه الاجتماعي، المهني، والعائلي.
في هذا المقال، نستعرض أكثر الاضطرابات النفسية شيوعًا التي تؤثر على الناس حول العالم، مع تسليط الضوء على أسبابها، أعراضها، وكيفية التعامل معها.
1. اضطراب القلق العام
يعد اضطراب القلق العام واحدًا من أكثر الاضطرابات النفسية انتشارًا في العالم، حيث يعاني الأفراد المصابون بهذا الاضطراب من القلق المستمر والمفرط الذي لا يمكن السيطرة عليه، حتى في غياب أي تهديد أو خطر واضح. يشعر الشخص بالقلق حول أشياء يومية مثل العمل، العلاقات الشخصية، أو الصحة، ويصاحبه شعور مستمر بالتوتر والانزعاج.
أسباب اضطراب القلق العام
تتنوع أسباب اضطراب القلق العام، ويعد المزيج بين العوامل الوراثية، البيئية، والبيولوجية من العوامل الرئيسية. الأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي من القلق أو الاضطرابات النفسية الأخرى هم أكثر عرضة للإصابة. إضافة إلى ذلك، يمكن أن يكون التوتر المزمن في الحياة اليومية، أو التعرض لصدمات نفسية سابقة، من الأسباب التي تسهم في تطور هذا الاضطراب.
الأعراض
-
القلق المستمر وغير المبرر.
-
صعوبة في التركيز أو الراحة.
-
أعراض جسدية مثل الأرق، الصداع، أو زيادة ضربات القلب.
-
شعور دائم بالتعب.
العلاج
عادةً ما يشمل علاج اضطراب القلق العام العلاج النفسي مثل العلاج السلوكي المعرفي (CBT)، الذي يساعد الأفراد على التعامل مع أفكارهم المقلقة وتغيير أنماط التفكير السلبية. كما قد يُوصى باستخدام الأدوية مثل مضادات الاكتئاب أو المهدئات لتقليل الأعراض.
2. اضطراب الاكتئاب الشديد
يعد الاكتئاب من أكثر الاضطرابات النفسية الشائعة التي تصيب ملايين الأشخاص حول العالم. يتسم الاكتئاب الشديد بشعور مستمر بالحزن العميق وفقدان الاهتمام بالأشياء التي كانت ممتعة في السابق. تؤثر هذه الحالة على الأداء اليومي، وتؤدي إلى الشعور بالعجز.
أسباب اضطراب الاكتئاب الشديد
تتعدد أسباب الاكتئاب، ويشمل ذلك العوامل الوراثية التي تجعل بعض الأشخاص أكثر عرضة للإصابة. إضافة إلى ذلك، يمكن أن تلعب الصدمات النفسية، مثل فقدان أحد الأحباء أو التعرض لصدمة كبيرة، دورًا كبيرًا في تطور هذا الاضطراب. تساهم أيضًا الاختلالات الكيميائية في الدماغ، مثل انخفاض مستويات السيروتونين، في ظهور أعراض الاكتئاب.
الأعراض
-
مشاعر الحزن العميق أو اليأس.
-
فقدان الاهتمام بالأشياء اليومية مثل العمل أو الهوايات.
-
الشعور بالتعب أو القلق المستمر.
-
أفكار انتحارية في الحالات الشديدة.
العلاج
يتنوع العلاج ما بين الأدوية المضادة للاكتئاب مثل مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRIs)، والعلاج النفسي مثل العلاج السلوكي المعرفي. في حالات الاكتئاب الحاد، قد يحتاج الشخص إلى رعاية في المستشفى أو العلاج بالصدمات الكهربائية.
3. اضطراب الوسواس القهري (OCD)
يُعتبر اضطراب الوسواس القهري من الاضطرابات النفسية التي تتسم بوجود أفكار متكررة وغير مرغوب فيها (الوساوس) يتبعها سلوكيات قهرية (الطقوس) تهدف إلى تخفيف القلق الناتج عن هذه الأفكار. يضطر المصاب لأداء طقوس معينة بشكل متكرر، مثل غسل اليدين مرارًا وتكرارًا أو التأكد من إغلاق الأبواب بشكل مستمر.
أسباب اضطراب الوسواس القهري
يعتقد الباحثون أن العوامل الوراثية تلعب دورًا كبيرًا في تطور اضطراب الوسواس القهري. كما قد تتسبب الاضطرابات الكيميائية في الدماغ، وخاصة اختلال التوازن في النواقل العصبية مثل السيروتونين، في ظهور الأعراض. بالإضافة إلى ذلك، قد تسهم التجارب الشخصية أو الصدمات النفسية في تحفيز هذا الاضطراب.
الأعراض
-
أفكار متكررة ومزعجة غير مرغوب فيها (الوساوس).
-
تصرفات قهرية متكررة تهدف لتقليل القلق الناتج عن الوساوس.
-
التأكد المستمر من الأشياء (مثل التأكد من إغلاق الأبواب).
-
الحاجة إلى ترتيب الأشياء بشكل محدد.
العلاج
يتم العلاج عادة باستخدام العلاج السلوكي المعرفي (CBT) الذي يركز على تغيير الأنماط السلوكية والأفكار المقلقة. بالإضافة إلى ذلك، قد يُستخدم العلاج الدوائي مثل مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRIs).
4. اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)
يحدث اضطراب ما بعد الصدمة نتيجة لتجربة صدمات نفسية شديدة مثل الحروب، الحوادث، أو الاعتداءات. يُعاني الأفراد المصابون بـ PTSD من أعراض تستمر لفترة طويلة بعد الحادث الصادم، وتشمل الكوابيس والذكريات المؤلمة.
أسباب اضطراب ما بعد الصدمة
يعتبر التعرض لصدمات نفسية كبيرة من الأسباب الرئيسية للإصابة بهذا الاضطراب. من الممكن أن يكون لدى الأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي من الاضطرابات النفسية فرصة أكبر للإصابة. كما أن العوامل البيئية، مثل تعرض الشخص للمواقف الخطرة بشكل متكرر، قد تؤدي إلى ظهور هذا الاضطراب.
الأعراض
-
ذكريات مزعجة أو كوابيس تتعلق بالحادث الصادم.
-
تجنب الأماكن أو الأشخاص الذين يذكرون الشخص بالحادث.
-
شعور دائم بالخوف والقلق.
-
التغيرات في النوم والشهية.
العلاج
يشمل العلاج العلاج النفسي مثل العلاج السلوكي المعرفي، بالإضافة إلى استخدام الأدوية مثل مضادات الاكتئاب أو أدوية القلق. قد يتطلب الأمر أيضًا العلاج بالصدمات الكهربائية في بعض الحالات الشديدة.
5. اضطراب الشخصية الحدية (BPD)
يُعتبر اضطراب الشخصية الحدية من الاضطرابات النفسية التي تتميز بعدم الاستقرار العاطفي الشديد والتقلبات المزاجية. يعاني الأفراد المصابون بهذا الاضطراب من صعوبة في الحفاظ على علاقات مستقرة وأداء مهام حياتية بطريقة متوازنة.
أسباب اضطراب الشخصية الحدية
يُعزى اضطراب الشخصية الحدية إلى مزيج من العوامل الوراثية والبيئية. التعرض للإساءة العاطفية أو الجسدية في الطفولة يُعتبر من أبرز العوامل المسببة لهذا الاضطراب. كما قد تلعب الاضطرابات في كيمياء الدماغ دورًا في ظهور الأعراض.
الأعراض
-
التقلبات المزاجية الحادة.
-
صعوبة في التعامل مع العلاقات الشخصية.
-
مشاعر فراغ داخلي.
-
تصرفات متهورة مثل إيذاء الذات أو محاولات الانتحار.
العلاج
يتم علاج اضطراب الشخصية الحدية باستخدام العلاج النفسي، وخصوصًا العلاج السلوكي الجدلي (DBT)، الذي يساعد الأفراد على إدارة مشاعرهم وتحسين مهارات التعامل مع العلاقات. كما يمكن استخدام الأدوية المضادة للاكتئاب والقلق لتخفيف الأعراض.
6. الفصام (Schizophrenia)
يُعد الفصام من الاضطرابات النفسية الشديدة التي تتسم بتشويش في التفكير والشعور وفقدان الاتصال بالواقع. يعاني الأشخاص المصابون بالفصام من هلوسات وأوهام قد تؤثر على تصوراتهم للأشياء.
أسباب الفصام
تشير الأبحاث إلى أن العوامل الوراثية تلعب دورًا كبيرًا في ظهور الفصام، إذ إن الأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي من المرض يكونون أكثر عرضة للإصابة. بالإضافة إلى ذلك، فإن التغيرات الكيميائية في الدماغ، وخاصة في النواقل العصبية مثل الدوبامين، قد تساهم في تطور المرض.
الأعراض
-
هلوسات سمعية أو بصرية.
-
أوهام غير منطقية.
-
عدم القدرة على التواصل بفعالية مع الآخرين.
-
قلة الاهتمام بالنظافة الشخصية.
العلاج
يتم العلاج عادة باستخدام الأدوية المضادة للفصام مثل مضادات الذهان، إضافة إلى العلاج النفسي لمساعدة المريض في التكيف مع الأعراض اليومية للمرض.
تُعد الاضطرابات النفسية من القضايا الهامة التي تحتاج إلى وعي وعناية خاصة. من خلال الفهم الصحيح لهذه الاضطرابات وطرق علاجها، يمكن تحسين نوعية الحياة للمصابين بها، وكذلك الحد من الوصمة الاجتماعية المرتبطة بالأمر
